Interview - AL MOUHARRER- Baisse du rating de la dette souveraine USA


الخبير المالي والبنكي وليد جعفر لـ”المحرر”: وكالات التصنيف تصنع ربيع وخريف الاقتصاد العالمي


jafar



سبتمبر 29, 2011




تونس-المحرر-شادية الهلالي



كان لقرار خفض العلامة الممنوحة للدين السيادي الأمريكي من طرف وكالة التصنيف العالمية “ستاندرد بورز “standard and poor’s” “أثر سلبي على أداء الأسواق المالية العالمية و ثقة باقي الاقتصاديات الكبرى في الاقتصاد الأمريكي باعتباره أقوى وأثقل الاقتصاديات. وقد أدى هذا الظرف بعديد الخبراء الاقتصاديين إلى القول أن الولايات المتحدة الأمريكية ستدخل مرحلة انكماش اقتصادي وذلك على المدى القصير وأن هذا الوضع ستكون له تداعيات سياسية خاصة فيما يتعلق بثقة الأمريكيين في الاداء الاقتصادي للرئيس الأمريكي أوباما الذي تراجعت شعبيته حسب أقوالهم.. وفي هذا الإطار،حاورت جريدة “المحرر”الخبير المالي والبنكي وليد جعفر الذي اعتبر أن المراجعة الجبائية المقترحة من باراك أوباما بإنعاش الميزانية في المستقبل والسيطرة على عجزها ومستوى التداين لم تجد ترحابا من قبل الجمهوريين وأن هذا التململ السياسي انعكس على قرار وكالة “ستاندرد بورز”في تخفيضها للتصنيف السيادي وإرفاقه بتوقعات سلبية. سؤال: ما هي حيثيات انبعاث وكالات التصنيف وكيف تنامى دورها ليصبح محوريا؟ جواب: كانت هذه الوكالات في البداية مكاتب دراسات مالية وبنوك معلومات. لكن منذ سنة 1860 بدأ دورها يتنامى مع تطور قطاع شركات السكك الحديدية في الولايات المتحدة الامريكية إلى أن تم سنة 1931 ولأول مرة فرض منظومة قانونية تكرس الدور المحوري لوكالات التصنيف نتيجة للانخفاض العام في قيمة الأسهم والأصول المدرجة في البورصة. و كان دور وكالات التصنيف في هذه المرحلة تقديم تصنيف موضوعي لقيمة هذه الأسهم بغض النظر عن أزمة الثقة التي كانت موجودة حينها في الأسواق المالية. ويجدر التذكير كذلك أن هذه الوكالات كانت تهتم حصريا بالتصنيف الائتماني للشركات لكن انطلاقا من سنة 1970 أصبحت تعنى بتصنيف الدول. ومن هنا بدأ نفوذ تلك الوكالات يتنامى وهو ما دفع بالصحفي اللامع “توماس فريدمان” بجريدة” نيويورك تايمز”بالقول أن في العالم هناك قوتين عظمتين :الولايات المتحدة الامريكية بآلاتها وعتادها العسكري ووكالات التصنيف بقدرتها على زعزعة اقتصاديات الدول بمراجعة التصنيف. سؤال: ماهي المقاييس أو المؤشرات المعتمدة من وكالات التصنيف العالمية لتخفيض أو ترفيع تصنيف الدين السيادي؟ جواب: بالنسبة للتصنيف السيادي تتمثل هذه المؤشرات في ثروة البلاد أي الناتج الداخلي الخام وسجل عدم السداد على 25 سنة وثقل الدين العمومي بالنسبة للمداخيل الجبائية والاستقرار السياسي والمؤسساتي وقد اعتمدت “ستاندرد بورز”على المؤشر الثالث والرابع لتخفيض التصنيف السيادي للولايات المتحدة الأمريكية من AAA إلى + AA وتدرج علامات التصنيف من AAA وهي أحسن علامة إلى D.التي تمثل أسوأ تصنيف. سؤال:لماذا تم التخفيض في العلامة الممنوحة للدين السيادي الامريكي من طرف وكالة ستاندردبورز في هذا التوقيت بالذات من AAA إلى + AA ؟ جواب: قبل الحديث عن هذا الأمر يجب علينا التعرض إلى اشكالية ارتفاع الدين العمومي الأمريكي وتأثيره على عجز الميزانية. فالإشكالية انطلقت منذ أن طلب الرئيس الأمريكي أوباما الترفيع في سقف المديونية بـ2,1 ترليون دولار ليصبح حجم المديونية يمثل حوالي 74 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي الخام للولايات المتحدة، وهي نسبة تتجاوز مقاييس “ماستريتش” في الاتحاد الأوروبي التي هي في حدود 60بالمائة.وقد اصطدم هذا المطلب بالتجاذبات السياسية في الكنغرس حيث أن الأغلبية في إحدى الغرفتين(مجلس النواب) هي للجمهوريين. وللإشارة فإن حزب الشاي وهو رافد من الحزب الجمهوري أصبح مؤثرا لدى الجمهوريين وهو معروف بمعارضته العمياء لأوباما وقد استعمل كل قوته لمعارضة الترفيع في سقف الدين. وقد استمرت هذه الإشكالية عدة أيام خاصة وأن المراجعة الجبائية المقترحة من باراك أوباما بإنعاش الميزانية في المستقبل والسيطرة على عجزها ومستوى التداين لم يجد ترحابا من قبل الجمهوريين وقد انعكس هذا التململ السياسي على قرار وكالة “ستاندرد بورز”في تخفيضها للتصنيف السيادي حيث اعتبرت أن مثل هذا التجاذب أو التعطيل السياسي يجعل القدرة على استشراف نجاعة المؤسسات الفدرالية المركزية أضعف مما مضى الامر الذي يبرر التخفيض في التصنيف وإرفاقه بتوقعات سلبية. وكردة فعل عبرت الحكومة الفيدرالية عن مآخذها من هذه الوكالة حيث أن كلا من وكالتي”موديز” و”فيتشرايتنغ” اللتين تتقاسمان السوق المالية للتصنيف مع وكالة “ستاندرد بور” لم تخفضا في التصنيف وأكدتا ثقتهما في الاقتصاد الأمريكي كما أن عدة محللين اقتصاديين اعتبروا أن الرسالة التي أرادت تبليغها هذه الوكالة وهي أن التجاذبات السياسية ستؤثر على الاقتصاد الأمريكي ليست من مشمولاتها “The wrong messenger for the right message” من ناحية أخرى يعاب على”ستاندرد بورز” وعلى دقة توقعاتها أنها صنفت سابقا عمليات مالية متعلقة بالقروض العقارية AAA وتبين بعد ذلك أن هذه العمليات كانت من أهم أسباب الأزمة المالية لسنة 2008.وما يؤكد هذه المأخذ هو أن نسبة الفائدة المتعلقة برقاع الخزينة الأمريكية لم ترتفع رغم التخفيض في الترقيم السيادي. وهذا ما يؤكد أن الثقة لا تزال موجودة في الاقتصاد الأمريكي وذلك على المدى القصير وتبقى كل الاحتمالات ممكنة من تراجع في قيمة الدولار الامريكي وإمكانية اهتزاز ثقة المستثمرين الأجانب في صلابة الاقتصاد الأمريكي وقد أثبت التاريخ أن الهزات الكبرى ممكنة. ولكن تجدر الإشارة من ناحية أخرى أن وكالة التصنيف الصينية داغون Dagong قد قامت سابقا بتخفيض التصنيف السيادي للولايات المتحدة. . سؤال: ما هي تداعيات هذه المسألة على مستقبل الاقتصاد الامريكي وعلى الخارطة الاقتصادية بصفة عامة وكذلك على موازين القوى السياسية؟ جواب: كي لا يكون تعامل الحكومة الفيدرالية مستقبلا مع مسألة التداين مشوبا بالغموض تم تشكيل لجنة مشتركة بين الجمهوريين والديمقراطيين مهمتها تخفيض العجز في الميزانية على المدى الطويل وبالتالي التحكم في مستوى المديونية. ومن المتوقع أن تشكو اللجنة صعوبات داخلية في عملها نظرا لمعارضة الجمهوريين لزيادة الارادات الجبائية نتيجة وجود تباين في خطة الاصلاح الصحي وفي مسألة تطوير التكنولوجيات الخضراء. إن التحدي الكبير للولايات المتحدة اليوم هو الدفع بعجلة الاقتصاد إلى نسبة نمو مهمة ومستقرة في السنوات المقبلة من ناحية والتوصل إلى اتفاق سياسي فيما يخص التدخل العسكري الخارجي وما يتطلبه من إنفاقات. صحيح أن التخفيض في التصنيف لم يهز مبدئيا ثقة الأسواق العالمية في الاقتصاد الأمريكي غير أن الإشارات المتأتية خاصة من الحكومة الصينية (10 بالمائة من الدين السيادي الأمريكي) والمتعلقة بضرورة ترشيد سياسة التداين الامريكي تؤشر على تنامي دور الصين في الساحة الاقتصادية و الجيوسياسية.