lundi 17 décembre 2012

حسن البنا و"الإخوان المسلمون" بمصر والميليشيات 2/2



حسن البنا و"الإخوان المسلمون" بمصر والميليشيات

حتى لا نخلط الدين بالسياسة 2-2



  








بقلم: عفيف البوني - 

لقد قدم حسن البنا في تنظيره لفكر الجماعة "القرآن دستورنا" بدلا عن دستور مصر لسنة 1923، و "الرسول زعيمنا" بالضد من زعامات مصرالسياسية في زمنه ومنهم النحاس باشا زعيم الوفد، (العدو للبنـّا)، و "الخلافة الإسلامية" بديلا عن الوطنية المصرية...(في : نحو النور) .

 
ويرى حسن البنا أن جماعته "تحب الإجماع" وتكره الشذوذ.. ! ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها" (الرسائل الثلاث) ونادى بان "لا مناص بعد الآن من أن تحل هذه الاحزاب جميعا" (مشكلاتنا في ضوء الإسلام) لذلك رد النحاس باشا زعيم الوفد ورئيس الحكومة على البنا المتحالف مع الملك ضمنيا، وصرح النحاس انه ضد "إقحام الدين في ما ليس من شؤونه وإيجاد سلطة دينية خاصة بجانب السلطة المدنية" "الإسلام لا يعرف سلطة روحية، وليس بعد الرسل وساطة بين الله وبين عباده

وينسب المخالفون للبنا ولجماعته تهما سياسية كثيرة حول علاقات سرية أوتواطئ بين بعض قيادات الإخوان، بما في ذلك حسن البنا نفسه مع القصر ومع الملك، ومع إسماعيل صدقي ومع علي ماهر، وهما قد ترأسا الوزارة المصرية، وهناك من نسب للإخوان صلات مع البريطانيين، ومع الايطاليين الخ ...بل إن بعض رموز الإخوان ومنهم محمود أبو زيد عثمان قد كتب في "النـّذير" وهي مجلة الإخوان، عند احتدام الصراع بين الأجنحة، كتب بأنّ حسن البنـّا موال للقصر ولعلي ماهر ويتلاعب بأموال الجماعة ويرفض تطبيق مبدإ الشورى ويحمي بعض الشخصيات غيرالأخلاقية مثل صهره الشيخ عبد الحكيم عابدين. (آمال السبكي، التيارات السياسية في مصر 45-1952 رسالة ماجستير غير منشورة مصر.)
اعتمد تنظيم "الإخوان المسلمون" قاعدة "بيعة" حسن البنا بصفة "الإمام المرشد" لـ "جماعة المسلمين" وليس لـ "جماعة من المسلمين" واعتبارتلك الجماعة نفسها بمنزلة "أولى الأمر" و"أصحاب الحل والعقد".

 وان للجماعة فكرة ودعوة "للجهاد" أنيط تنفيذها "للجهاز السري" (العسكري) الذي نظم بشكل سري في الظاهر، يمارس الرياضة بما يشبه العمل الكشفي، وفي الواقع يتدرب تعبويا وفنيا وقتاليا على عمليات "جهادية" وهكذا كان انتقال الإخوان من المسك بالمصحف إلى المسك بالمسدس وذلك ما عناه حسن البنا بقوله : "نحن حرب على كل زعيم أو رئيس أو هيئة لا تقوم على نصرة الإسلام، ولا تسير في الطريق إلى استعادة حكم الإسلام ومجد الإسلام" "النذير ع1" 1357 هـ والجهاد عند البنـّا يقع في 3 مراحل : التعريف ثم التكوين ثم التنفيذ.

أقام حسن البنـّا لغرض مجاهدة أعداء الجماعة "الجهاز السري الخاص" واختار قيادته من فرق الجوالة التي كان يوظفها مع الملك والحكومة ضد معارضيها من الوفديين والليبراليين واليساريين وكان عدد المتدربين 45 (خمسة وأربعين ألفا) عام 1945، والمرشح للانتماء للجهاز الخاص والسري عليه أن يبايع في غرفة مظلمة ويؤدي القسم على مصحف ومسدس، وذلك الجهاز أنشئ منذ العام 1930 وهناك من يجعل عام 1942 بداية لإنشائه والقسم يؤدّي أمام حسن البنا المؤدلج للجهاد وخاصة عبر ما كتبه في "صناعة الموت" وفي "فن الموت" (الإخوان المسلمون 16/8/1946).

 وفي العام 1948 اكتشفت الشرطة مخابئ سلاح ومفرقعات للجهاز الخاص... وتحدث انفجاريات واغتيالات متبادلة بين الإخوان ورجالات الدولة (46-47 و1948) منها اغتيال رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي باشا...
 واضطر حسن البنا ليبلع الزعاف حين اصدر بلاغه الذي يدين فيه رفاقه وتلامذته ويدين نفسه وفكره بنفسه "ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين" لعله ينقذ بعض ما بقي من التنظيم ومن الفكرة ومن الإخوان.

ودارت لعبة الدين والسياسة دورتها بين الإخوان وبين الدولة، ومرة أخرى كتب البنا آخر كتاباته : "القول الفصل" برّر فيه ما حدث ثم انه كتب "بيان للناس" الذي استنكر فيه مرة أخرى جرائم رفاقه ولكن بعد أن فات الأوان، وحلت الجماعة والقي القبض على الآلاف من الإخوان، أما حسن البنـّا فقد بقي طليقا ووحيدا وكان ذلك أتعس عليه من التعذيب الوحشي الذي تعرض له رفاقه الموقوفون بالآلاف.. 

ويسجل رفعت السعيد مؤلف أعمق دراسة عن الإخوان المسلمين في لعبة السياسة" (1978) والصفحات السابقة مقتبسة منها) بأنّ حسن البنـّا وقع استدراجه واغتياله في 12 فيفري 1949 لكن الاغتيال الحقيقي أي تاريخيا أو بمعنى "الانتحار السياسي" للبنا قد كان يوم كتب "بيان للناس" أو يوم كتب "ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين" أم هو يوم "تأسيس الجهاز الخاص السري والحربي" باسم "الجهاد" الذي تحول إلى جهاز جريمة.

ومن بين ما أورده رفعت السعيد رأيا لطه حسين مضمونه "ما هذه الأسلحة وما هذه الذخيرة التي تخبـّأ في بيوت الأحياء وفي قبورالموتى ؟ ما هذا المكر الذي يكمن، وما هذه الخطط التي تدبّر، وما هذا الكيد الذي يكاد لمّ كل هذا الشر، ولمّ كل هذا الكفر وقد رخصت حياة المصريين على المصريين.. يقال إنها إنما رخصت بأمر الإسلام الذي لم يحرّم شيئا كما حرّم القتل ولم ينه عن شيء كما التعاون على الإثم والعدوان".

 مدير مجلة "قضايا استراتيجية"



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire