lundi 12 décembre 2011

المعقول والعقلاني والأحكام القرآنية


بقلم : معز جعفر
Source www.tounesalfatet.com

 
معقول والعقلاني كلاهما وصفان لشيءٍ واحد ألا وهو التطابق مع العقل البشري. ولكن ذلك لا يمنع من القول بأن ماهو معقول عقلاني بالضرورة و ما هو عقلاني هو حتماً معقول.

فالعقلانية تجرد التفكير من كل تداخل بين العقل والأحاسيس  بين العقل والمتفق عليه اجتماعيا، وبين العقل والإطار الزمكاني  عكس المعقول الذي لا يفصل العقل عن المشاعر  ،عن الوعي الجماعي،وعن المكان - الزمان.  وما سأحاول مناقشته في هذا المقال هو منزلة الأحكام الإلهية القرآنية  بين العقلاني والمعقول.



كثيرةٌ هي الأحكام القرآنية التي تثير يومنا هذا جدالاً حول تلاؤمها وتماشيها مع الواقع الحالي   كقطع يد السارق، شهادة الأنثى و حظها في الميراث،   أو إباحة تعدد الزوجات بشروط. هذه الأحكام نزلت في كتاب القرآن. العديد من العلماء في الدين  وفئة لا يستهان بها من المجتمع وحتى وإن كانت توجهاتها إسلامية ، تعتبر بأنه يجب تطوير تأويل  النص القرآني وجعله متلائماً مع العصر وبالتالي هذه الفئة تدعو إلى ربط معاني  الآيات التي تحتوي على أحكام معينة بالواقع الذي نزلت فيه. وجهة النظر هذه  تندرج في إطار المدرسة التي تعتبر القرآن مخلوقاً. وهي نظرة، إن شئنا القول،  "معقولة" لفهم النص الرباني . 

في حين أن دعاة تطبيق الأحكام القرآنية كما نزلت، تندرج تحت لواء  المدرسة الفقهية  المسلمة بأن القرآن قديم قدم الله، أزلي كخالقه غير مرتبط في أحكامه بتغير المكان، الزمان،   الوعي الجماعي أو الإحساس البشري. هذا الموقف يجعل من  الخوض في ايجابيات أو سلبيات الأحكام التشريعية الإلهية  غير مبرر باعتبار أن الله عالم بما لا يدركه العقل والمنطق وبالتالي تطبق  كما هي مهما اختلفت الأطر النسبية)الإطار المكاني والزماني أو اختلاف الفهم المجتمعاتي للمفاهيم….  فهي(الأحكام) مسلم بها حتى وإن كانت غير معقولة في الحقبة الحالية والآتية.
هذه الحجج التي تجعل النص القرآني من  المسلمات لا تقنع بالطبع في عالم بلغ  من النضج في التناول المنطقي للمفاهيم والظواهر مما يجعله يرفض ما تتبناه المدرسة الثانية. فالقرآن في نصوصه يدعو إلى الأخذ بالأسباب والعلم كقوله تعالى "اقرأ بسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم "سورة العلق".وبالتالي وإن افترضنا بأن الأحكام القرآنية،  تخرج عن دائرة المعقول، هل يمكن أن تخرج عن دائرة العقلانية؟حتماً لا ، فحتى وإن اعتبرنا الأحكام الربانية قوانين مخلوقة لحقبة معينة  فهي في نهاية الأمر خلق إلهي شأنه شأن القوانين التي تحكم مثلاً  تفاعل الأرض مع  الشمس والقمر و قانون الجاذبية وغيرها من الظواهر، التي دخلت في خانة المعقول في بعضها ولم تفهم إلى يومنا هذا في بعضها الأخر.
 فإن كانت هذه القوانين الطبيعية الأنفة الذكر  تطابقت مع العقل البشري، سواء اكتشفت في حقبة سابقة أو آنية، فنحن أمام استنتاجين اثنين (1 صفة تطابق الأحكام القرآنية مع العقل البشري لا تناقش. (2حتى وإن سلمنابأنها) الأحكام (غير معقولة حالياً  فهي حتماً عقلانية لا تتعارض مع العقل إذا جرد من كل عامل خارجي.

يبقى السؤال المطروح ، ما الأصلح لنا بين نسبية المعقول واطلاقية العقلاني؟ 


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire