mercredi 29 mai 2013

فليذهب إلى الجحيم !...هذا المجلس التأسيسي







بلغ السيل الزبى و سبق السيف العذل...الأمور أصبحت لا تطاق، بعد أن بلغ الاستخفاف بالشعب التونسي و "
استبلاهه " مستوياتٍ فاقت كل تصور ! البداية كانت مع نائب "فاضل" جعل من نفسه محاميا للشيطان و انبرى متبنياً نظرية جديدة " الدستور المقبول" أو " الدستور المرضي إجمالياً". و كأننا أمام  منتوج تجاري ككعكة حلوى أو فستان نبدي فيه رأينا إجمالاً. 


أما الأغرب و الأدهى و الأمر، هو ما تجرأ على إتحافنا به ذلك النائب الانتهازي "التعيس"، الذي يغير انتماءه الحزبي كما يغير جواربه
. هذا النائب، بحكم عضويته بلجنة التنسيق و الصياغة السيئة الذكر، استأسد و أراد أن يتصدى لسؤال عن حذف مسألة حرية الضمير من مشروع الدستور، فكان الإتحاف و الإبداع منقطع النظير. استمعوا معي، سيداتي و سادتي إلى جواب السيد النائب "لقد عجز ممثلو لجنة الحريات عن الدفاع  عن بعض الفصول، كذلك الفصل المتعلق بحرية الضمير. فبالنسبة لهذه المسألة، قدّم أحد الأعضاء مثالاً يبين الانعكاسات السلبية لاعتماد هذا الفصل : عندما يتقدم مواطن لاستخراج وثيقة أو طلب خدمة معينة من المصالح البلدية، من الوارد أن يرفض العون إسداء الخدمة المطلوبة. و عندما يتظلم هذا المواطن المسكين لدى رئيس المصلحة الذي يقوم بدوره بطلب توضيح من هذا العون (يالها من قصة !) يكون رد هذا الأخير كالزلزال "أنا و ضميري شي قلي...و ضميري ما ظهرلوش...لذلك لم أقم بتقديم الخدمة المطلوبة !"...و يختم هذا النائب الجهبذ مرافعته (على فكرة السيد محام...و بئس المحامي) في الدفاع عن حذف حرية الضمير قائلاً " حرية الضمير في الدستور يمكن أن توظف لتعطيل سير دواليب الدولة و للتملص من القيام بالواجبات المناطة بعهدة كل فرد. لذلك، و تفادياً لكل تأويل مضر، رأت و ارتأت لجنة التنسيق و الصياغة (و العبث كذلك) حذفها". و الغريب، أن المنشط العتيد، لم "يعكش" من هول الإجابة و واصل محاورة هذا النائب و كأن مصيبةً لم تكن. أي استهزاء هذا  و أي استخفاف بمدارك الشعب التونسي ؟ و من قبل من ؟ إنهم نوابه الذين انتخبهم و كان السبب الوحيد في تغيير مسار حياتهم ليصبحوا شخصيات عامة تتنافس على استضافتها وسائل الإعلام...نعم هؤلاء "إستفعلوا" في الشعب التونسي...إنها الكلمة الأكثر تعبيراً عن جسامة ما اقترفوه في حق هذا الشعب.


نعم هؤلاء "استفعلوا" في الشعب التونسي...



و أبدأ بالجماعة، و هي التي تبدو الأكثر تناسقاً و انسجاما مع خياراتها المبدئية : المجلس التأسيسي كان منذ البداية حصان طروادة للانقضاض على دواليب التشريع و السلطة و الشروع في تنفيذ مخططها للذهاب بالمجتمع نحو أفق ضيق مفتوح على كل الاحتمالات الجهنمية...إنها إستراتجية "الكماشة" و نواب الجماعة منخرطون فرادى وجماعات في هذا المشروع، باستثناء بعض النواب الذين يعدّون على أقل من أصابع اليد الواحدة و لا يمكنهم المجازفة و تخطي الخطوط الحمراء و إلا تصدر فتوى أمير الجماعة أو عراب المافيا لتكون بداية نهاية المشوار السياسي إن لم تعد البنت الضالة أو الابن الضال إلى بيت الطاعة...بيت الجماعة.  بالطبع لن نتحدث هنا عن النواب المنتمين إلى أشباه أحزاب قايضت المبادئ بالكراسي الأثيرة و انغمست تأكل من  الأطباق الصغيرة و الجماعة تخطط بكل أريحية للوليمة الكبيرة. 


 أما من يزعمون أنهم يعارضون الجماعة، و بإستثناء نائب وحيد (لا يخشى في قول الحق لومة لائم)، فكلهم يلاعبون الجماعة و يتلاعبون بهذا التفويض الذي أفرغ من كل مضامينه بعد أن طالت المدة و أصبحت نفس المشاهد و الأكاذيب تتكرر...نسمع جعجعة و لا نرى طحيناً ! إذاً تواطؤ هؤلاء ثابت.


و رغم أن التواطؤ لا يرتقي إلى درجة المؤامرة الأصلية المجسدة في منهج الكماشة، فإن هذه الكتلة استطابت العيش تحت القبة و نوابها لا يملكون الشجاعة المطلوبة لاتخاذ المواقف الجريئة و المصيرية و الحاسمة... و فلنقلها صراحةً، مستعيرين معجم توفيق بن بريك، هم رجالاً و نساءً يفتقدون "الرجولية"...إنها الحقيقة دون مواربة و مواراة. أمن هؤلاء ننتظر أن "يقلبوا الطاولة" و أن يصرخوا كفى ! ...كلا لن يفعلوها مهما كان الثمن و مهما كانت التكاليف لهذا الوطن فهم فوق سحابة المجد الكاذب "مزطولون" و لن يغادروا مواقعهم تحت القبة لترك نواب الجماعة "يرتعون"تحتها كما يشاؤون .يتشدقون بهذا الصمود الوهمي و كان حريٌ بهم أن يسحبوا البساط من تحتهم لإنقاذ الوطن من مؤامرة الكماشة. الوفاء لتكليف و تفويض الشعب كان يقتضي المغادرة و الاستقالة للحيلولة دون أن تبدأ الكماشة في شد الخناق حول ينابيع الحرية و الجمال، و الخلق و الإبداع؛ و لكن هيهات فاقد الشيء لا يعطيه. 


أمير الجماعة مطمئن، "فالشريعة حاضرة في روح كل القوانين" و مشروع الفصل 136 سوف "يسلك" الطريق أمام كل العوائق المحتملة و التي سوف يفتعلها أولئك العلمانيون الأشرار. و إن استعصت الأمور فروابط الثورة لن يبخلوا على الأمير بسخائهم المعهود من أخلاق منحطة و عنف "ثوري" لصد هؤلاء الأشرار. و إذا أصبح الخطر يهدد "المشروع" في الصميم، "الصقور" سوف تقوم بالمطلوب لتبث بعض الدفء في العلاقة الأبوية بأنصار الشريعة حتى "يستفعلوا" في الوطن برمته.



أما نوابنا الأفاضل، فهم تحت القبة الملعونة مستكينون، و في حرية الضمير يستبيحون...حتى و إن كتبت الولادة لهذا الدستور فسوف يكون مشوهاً بألف عاهة و عاهة؛ حرية و لا حرية، دولتان مدنية و دينية، قضاء بين التبعية و الاستقلالية، حق الإضراب منصوص عليه في السطر الأول و ملتف عليه في السطر الثاني. تباً لهذا المجلس التأسيسي بعينه، و تباً لكل نائبٍ بعينه، لذلك و اعتمادا على كل الوقائع الآتية و اللاحقة، أقولها و ضميري الحر يرددها معي " فليذهب إلى الجحيم !...هذا المجلس التأسيسي"




وليد جعفر

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire