jeudi 23 mai 2013

أو لم يحن أوان إعادة قراءة "الفتوحات" ؟

 
منذ أن بلغت سن المراهقة و مسألة الفتوحات الإسلامية ما انفكت تشغلني. في البداية البعد البطولي-الدرامي (بالمعنى الفني)  لهذه الفتوحات استهواني كثيراً خاصةً و أن مصادري لم تكن موضوعية كقصص جرجي زيدان و بعض المسلسلات التي أصبحت شبه مفقودة على شاشاتنا . ثم بدأت الأفكار تتبلور أكثر في ذهني و أصبحت أعيش زمن التساؤلات الحارقة :: لماذا تم نشر الإسلام بحد السيف ؟ ثم زيادةً على هذا، كان المسيحيون و اليهود مواطني درجة ثانية  (أهل الذمة) لا يتمتعون بحقوق المسلمين، و هذا فتح الباب على مصراعيه على اعتناق الإسلام من منطلق الخوف، المهادنة أو النفاق.  ثم لن ننسى ما تخلل هذه الفتوحات من انتهاكات (كالسبي مثلاً) و هي إن كانت قاسماً مشتركاً للغزاة، فمن المستهجن و الغريب أن تحصل باسم الإسلام. كما أن هذه الفتوحات جعلت السلطة المركزية (دمشق ثم بغداد) تطلق يدها في ثروات هذه البلدان لتستنزفها، و هذا كذلك ليس بأمر فريد و خاص بالفتوحات الإسلامية (روما و استنزافها للثروات الزراعية لشمال إفريقيا، نابليون بونابرت و عملية السطو الممنهج على ثروات البلدان الأوربية الأخرى لتمويل مجهودات الحرب و ذلك تحت غطاء تصدير مبادئ الثورة) و لكن يبقى  أن ما حصل كان باسم رسالة ربانية.

 صحيح أن هذه الفتوحات ساهمت في بناء حضارةٍ جديدة بحكم الاختلاط الذي حصل بين الشعوب، و هذه ليست سابقة في تاريخ الإنسانية، و لكن حريٌ بنا أن نضعها في إطارها الصحيح و المتمثل في إرادة التوسع و بسط النفوذ و الهيمنة. و هذه كذلك مسألة عادية تندرج في إطار المسارات التاريخية أفول قوى و بروز قوى أخرى و تحدث عنها ابن خلدون باستفاضة. إذاً ما حصل، في نهاية الأمر، هو توظيف سياسي للإسلام بغية خلق الذريعة المعنوية القوية التي تكملها بصفة عامة ذريعة مادية لا يصعب استحداثها .


إذاً لو غيرنا قراءتنا لتاريخ هذه الفتوحات، و رفعنا عنها الغطاء الديني، سوف نتمكن من تصحيح التعامل المثالي مع هذه الأحداث التاريخية و نتفطن إلى أن الإسلام براء من فعل بشري فيه سفك للدماء. إننا بحاجة إلى فكر متحرر من رواسب الماضي، قادر على إعادة قراءة التاريخ بكل موضوعية...و لعل من أهم النتائج التطبيقية التي يمكن أن يفرزها هذا التمشي المنهجي هو إعادة بناء مفهوم الجهاد في الإسلام...الطريق شاق و طويل و يبدأ بخطوة أولى، خطوة التساؤل و التعامل مع الحقائق التاريخية كما هي...و هذا المقال لسوسن فري يندرج في صميم الخطوة الأولى.
 TERRA NOVA TUNISIE



أو لم يحن أوان إعادة قراءة "الفتوحات" ؟
 

 
كان الهدوء يعم المكان و صوت فيروز يصدع بأغنيتي المفضلة "اعطني الناي و غني" بما يكفي للاستمتاع بقهوتي الصباحية في مشرب الجامعة عندما قطع علي خلوتي صديقان نزقان و أقحماني عنوة في نقاش بيزنطي حول ما اعتبراه أمجاد و مآثر الحضارة الاسلامية من فتوحات و أدبيات لم يسبق للحضارات الانسانية السابقة أن أنجزتها فاكتفيت بابتسامة معلنة عبرها انسحابي من النقاش لتتواتر الاسئلة داخل ذهني حول ماهية العمليات التوسعية التي قام بها المسلمون؟ و هل يصح ان ندعوها بالفتوحات ؟ و ما مدى تصالحها مع الموروث الثقافي و الحضاري الانساني ؟لأستشف من خلالها ان ازمتنا ازمة مفاهيم بالأساس وأن بوابتنا للولوج الى الحضارة الكونية تكمن بطرح هذه المفاهيم و معالجتها معالجة موضوعية بعيدا عن الطوباويات وعن العصبية العرقية المقيتة. 



 فكيف لنا أن نعتبر العمليات التوسعية التي خاضها اجدادنا عبر التاريخ فتوحات و مآثر وجب علينا التغني و الإشادة بها رغم انها كانت و لا ريب عمليات استعمارية توسعية باسم الدين حيث انهم كانوا يقتلون و يسبون و يفتكون الثروات ويفرضون على السكان الأصليين الجزية ان لم يسلموا بل و يجبرونهم على التخلي عن لغتهم الأم فمن الحكايات التي كانت ترويها لي جدتي و تناقلتها الأجيال أن التمسك باللغة الأمازيغية في الازمنة الاولى لما اصطلح عليه بالفتح الاسلامي لبلادنا كان يعتبر جريمة يعاقب عليها مرتكبها بشدة. فهل يعتبر هذا فتحا بربكم؟ ألم تشوه هذه العمليات تاريخنا و الرسالة السماوية العظيمة التي أتى بها رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي كانت تقوم دعوته على اللين و الحجة و الموعظة الحسنة فحتى الغزوات التي خاضها كانت عبارة عن عملية دفاع و رد عن هجومات سابقة تعرض لها كغزوة أحد و بدر وعندما كان يروم نشر ديننا الحنيف في بلاد أخرى كان يبعث برسائل مع الصحابة إلى الملوك والسلاطين ليقنعهم بدين الله. 



أما عن علاقتنا بالموروث الثقافي الإنساني، فكان فيه من العداء و الرفض و الخوف من الآخر و الرغبة في الانكفاء على الذات الشيء الكثير فعمرو بن العاص مثلا أحرق مكتبة الاسكندرية عندما فتحها حيث أرسل للخليفة عمر في المدينة يسأله فكتب الخليفة عمر بن الخطاب إليه يقول أنّه إذا كانت هذه الكتب لا تحتوى على شيء غير المسطور في القرآن فهي كعدمها و اذا كانت هذه الكتب تنافى ما جاء بالقرآن فهي ضارة ومؤذيه لا يجب حفظها إذا ففي كلتا الحالتين يجب حرقها و إبادتها من الوجود. وأمر عمرو بن العاص باستعمال هذه الذخائر والنفائس كوقود في حمامات الإسكندرية وظلت الحمامات تستخدمها كوقود لمده ستة أشهر كاملة.

ولم تكن مكتبه الأسكندرية هى الوحيدة التى حرقها العرب ولم يكن أيضا هو الخطاب الوحيد الذى أرسله عمر لحرق مكتبة، فقد جاء في كتاب كشف الظنون:" إنّ المسلمين لما فتحوا بلاد فارس وأصابوا من كتبهم، كتب سعد بن أبى وقاص إلى عمر بن الخطاب يستأذنه في شأنها وتنقيلها للمسلمين فكتب إليه عمر بن الخطاب :ان اطرحوها في الماء، فان يكن ما فيها هدى، فقد هدانا الله تعالى بأهدى منه،  وإن يكن ضلالا، فقد كفانا الله تعالى. فطرحوها في الماء أوفي النار فذهبت علوم الفرس فيها". مما مثل خسارة فادحة للإنسانية جمعاء. ولازلنا نحن المسلمين الى اليوم نشتم المغول على إغراقهم مكتبة بغداد في نهر دجلة !!.. أفلم يحن أوان المصالحة مع التاريخ و الاعتراف بأخطائنا و بأننا أثرنا كغيرنا من الحضارات بالسلب و بالإيجاب على المسار الإنساني و ارتكبنا في حقه من الأخطاء الشيئ الكثير رغم أننا حملة لأعظم رسالة جادت بها الحياة على البشرية، رسالة البحث عن الإنسان.

ازدحم رأسي الصغير بكل هذه الأفكار وانتبهت فجأة و النادل يذكرني بتأخري عن قاعة الدرس. فجمعت شتات أفكاري وانطلقت الى الدروس يحدوني أمل في غد أفضل و في مصير أجمل.

مقال بقلم سوسن فري
 

1 commentaire:

  1. ta raison de produire en licence free car il suffit de lire/entendre une idée d'autrui pour se l'approprier ! autant ne rien se disputer :)
    ainsi tu ne t'expose pas à une explosion de l'auditoire car tout ça donne envie d'aller dans ce sens mais en ce qui me concerne tu me redonne gout à lire l'arabe et j'en suis agréablement surpris !
    K.Y

    RépondreSupprimer