samedi 31 août 2013

إلى سيادة رئيسة الجمهورية


هذا النص شرعت في كتابته و كدت أستكمله  خلال نفس الفترة من السنة الفارطة و كنت أنوي نشره بمناسبة عيد المرأة الوطني. لم أوفق في ذلك و ها أنا ذا أتدارك أمري و أقدمه إليكم اليوم. بعض من الأحداث التي نسجتها مخيلتي خلال السنة الفارطة أصبحت تماهي ما نعيشه هذه الأيام العصيبة. إني لا أدعي قدرةً على  استقراء  الأحداث و كل ما في الأمر هو مجرد صدفة…حزينة… 


إلى سيادة رئيسة الجمهورية


 
التاريخ /  14 جانفي 2111 ميلادي
  
المكان : من تحت أرض تونس الجميلة
  

أكتب إليك من غياهب الظلمات، من مثواي الأخير تحت تراب أرض تونس العزيزة. لقد تناهى إلى مسامعي سيدتي خبر انتخابك لتتبوئي سدة رئاسة الجمهورية. بعد 100 سنة من ثورة الحرية و الكرامة. أتى اليوم الذي أصبحت فيه امرأة تترأس الجهاز التنفيذي. إنه ليوم عظيم تخلص في شعب تونس من عقده السحيقة، يوم ملأ نوره العالم…




لقد وافتني المنية عن عمر يناهز التسعين عاماً، في سنة 2066  ، و لقد عشت نكسات و انتكاسات الثورة.


في سنة 2065، كانت ثورة النساء…كان ذلك عندما هبّت حرائر تونس يتصدين لمن سولت لهم أنفسهم  ضرب حقوق المرأة من خلال إقرار قانون تعدد الزوجات و الحد من حقوقها في عدة مجالات….لقد كانت الحلقة الأخيرة من سلسلة مناورات و قرارات نكلت بالمرأة و بالمجتمع التونسي : منع التبني، إقرار قوانين تضيق على النشاط الفني و الرياضي للنساء، السماح بصفة رسمية للمدارس الخاصة بالفصل بين الفتيان و الفتيات….كما لن أنسى سلسلة الاغتيالات التي استهدفت جملة من مثقفي و فناني هذه البلاد الألمعيين: الصغيّر أولاد أحمد في 17 ديسمبر 2035 ، ألفة يوسف في 13 أوت 2045…..كل هذا و الدولة المخترقة وقفت عاجزة، مطأطئة الرأس، بتواطؤ كامل، أمام هذه الجرائم في حق المجتمع والأفراد.





و لقد كانت مصادقة مجلس النواب في 12 أوت 2065 على قانون يتيح التعدد الكامل للزوجات القشة التي قصمت ظهر البعير، لقد بلغ عندها السيل الزبى. وفي الليلة الفاصلة بين 12 و 13 أوت اندلعت مواجهات بين نساء هذا الوطن العزيز في عدة جهات و ميليشيات الظلام. استشهدت المئات من النساء….نساء بلادي نساء و نصف، هكذا كان يقول الصغيّر أولاد أحمد. مرت البلاد بفترة من  اللااستقرار، تدخل خلالها الجيش، و تميزت هذه الفترة كذلك بتذبذب خطير لأداء وزارة الداخلية بعد أن عاشت عقوداً من محاولات الإختراق و الإرباك.


مثل يوم 25 جويلية 2075 نقطة تحول في تاريخ تونس ما بعد الثورة، حيث أجريت الانتخابات الموعودة التي طال انتظارها تحت إشراف الأمم المتحدة وأفرزت فوزاً كاسحاً للقوى التقدمية ممثلةً في جيلٍ جديدٍ من الشباب، قيادات جديدة، مثقفة و غير متكبرة، ثابتة على مبادئ الحرية و العدالة الاجتماعية. من الناحية الأخرى، كانت الهزيمة المدوية لحركة النهضة نهاية مرحلة كانت نتائجها وخيمة للوطن و الحركة، و سمعنا هنا و هناك عن مسار تصحيحي قد يمثل الأمل الأخير لتفادي تفكك و اندثار حركة النهضة.


لقد بلغتني هذه الأخبار و أنا مازلت حديث العهد بقبري…و أحسست ببداية اطمئنان على مصير الوطن العزيز.

سيدتي الرئيسة،

و أنت اليوم على رأس الدولة التونسية، أود أن أقدم إليك جملةً من الاقتراحات، أنا الذي آمنت طوال حياتي بالمساواة التامة بين المرأة و الرجل و بأهليتها لتقلد أعلى المناصب.
أتمنى أن ينخرط عملك يا سيدتي الرئيسة في بحث دائم عن الوئام داخل المجتمع.  لست أتحدث البتة عن "الوفاق و التوافق"، تلك الفكرة المبهمة و الخبيثة التي أخرت و أجهضت لعدة مرات الثورة الثانية التي اندلعت في النهاية شرارتها في أوت 2065.


إن أرضية المجتمع غدت جاهزة ليعيش المواطنون في وئام و إحترام متبادل، و بحكم أنك قبل أن تكوني رئيسة لكل التونسيين أنت إمرأة لك القدرة بحسك المرهف الطبيعي أن تصلي إلى قلوب التونسيين، كل التونسيين. إن القناعة النابعة من التفاعل مع إحساس صادق مفعم بالرقة، تترسخ في النفوس و بإمكانها أن تسافر بهذا الشعب نحو أجواء من الخلق و الإبداع….





سيدتي الرئيسة،

إن انتخابك يشكل موعدا استثنائيا ليصنع هذا الشعب التاريخ، بعد أن فوتوا عليه- أولاد الحلال- الفرصة تلو الأخرى ليهدم بنية النفاق و الكذب و ينطلق في مرحلة الإبداع و الإحساس بالذات.
 
لقد أسست عليسة هذا الوطن، بل ابتكرته بفضل عبقريتها الحالمة، و اليوم، سيدتي الرئيسة، فوضك الشعب لتعييدي بريقه المسلوب لهذا الوطن الجريح…وأنا على يقين بأنك لن تخذليه !

 وليد جعفر

هذا المقال نشر في الصحيفة الإلكترونية تونس الفتاة 
بتاريخ 29 أوت 2013 

http://tounesaf.org/ 

 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire