dimanche 20 janvier 2013

وزارة الداخلية بين براثن حركة النهضة وأزلام النظام السابق - الجزء الثالث "بارونات وزارة الداخلية الجدد.....بين الإنتماء السياسي و الماضي المشبوه جدا



وزارة الداخلية بين براثن حركة النهضة وأزلام النظام السابق - الجزء الثالث








  "بارونات وزارة الداخلية الجدد.....بين الإنتماء 
السياسي و  الماضي  المشبوه جدا ! "

في الجزء الأخير لثلاثية "وزارة الداخلية بين براثن حركة النهضة وأزلام النظام السابق"، نكتشف عدة معطيات عن مراكز القوى الجديدة و المتجددة في وزارة الداخلية.إنتهازية،شبهة تورط سابق، قلة كفائة.....هكذا يبدو واقع أغلب القيادات العليا في الوزارة إستنادا لهذه المعطيات

بين عقلية الغنيمة النهضوية التي عوضت محاولات الإختراق (الثمانينات و أوائل التسعينات) و تموقع بعض القيادات  المشتبه جدا في تورطها زمن بن علي؛ تبقى وزارة الداخلية حبيسة العقد الدفينة و الأغراض الشخصية و الحسابات الضيقة......نفهم ونتفهم عندها غياب نية الإصلاح لدى الحكومة الحالية لأنها في النهاية متورطة كذلك 



إثر الثورة وللإضطرابات التي سادت البلاد تداول على الوزارة العديد من الأسماء التي حاولت القيام بإصلاحات صلبها لكن قصر فترة تعيينها حالت دون ذلك.

فحين عين السيد فرحات الراجحي وزيرا للداخلية اتخذ خطوة اعتبرها البعض خطوة جريئة والبعض الآخر في غير محلها ، فقد قرر السيد فرحات الراحجي إلغاء إدارة أمن الدولة ظنا منه أنه القرار الأصلح تماشيا مع متطلبات الثورة المجيدة غير أن أباطرة الوزارة والمسيطرين على دواليبها حاربوه مما حدى به إلى تقديم استقالته.

ثم عين الحبيب الصيد وهو من أبناء الوزارة ورئيس ديوانها في عهد بين علي وزيرا للداخلية خلفا للسيد فرحات الراجحي.


وبعد وصول حركة النهضة إلى الحكم تم تعيين السيد علي العريض وهو أحد أبناءها وزيرا للداخلية ظنا منها أنها ستسيطر على البلاد والعباد وبعد مرور 10 أشهر من توليه الوزارة يتساءل المرء ماذا تغيير في وزراة الداخلية في عهد النهضة ؟ هل تم تطهيرها من مجرميها ؟ هل تم بسط الأمن في البلاد ؟ هل تم تعيين الأكفء والأصلح ؟ هل طوينا صفحات التعذيب ؟ هل أصبح الأمن جمهوري ؟ هل أصبح المواطن عندما يدخل المراكز الأمنية يحس بكرامته ؟ هل... ؟ هل.... ؟

وقبل الإجابة عن كل هذا وجب  إبراز مدى صواب القرار الذي اتخذه السيد فرحات الراجحي حول إلغاء إدارة أمن الدولة من عدمه. فمن وجهة نظري الخاصة أعتبر أنه قرار غير صائب وفي غير محله لاحتواء هذه الأخيرة على عناصر تتمتع بتدريب فائق الجودة وخبرة طويلة خاصة في مجال المخابرات وكان من الأصلح محاولة اصلاح ما يمكن اصلاحه وذلك بتغيير العناصر الفاسدة التي تورطت في أعمال فساد كمرحلة أولى ثم اعادة هيكلتها لمواكبة التغييرات التي طرأت على البلاد إبان الثورة غير أن اتخاذ هذا القرار كان على إثر تدخل بعض الأطراف التي كانت مصلحتها تقتضي اتخاذ مثل هذه القرارات المصيرية حتى لا تكشف ملفات تورطهم في الجوسسة والعمالة للخارج أمثال كمال اللطيف الذي أوعز للحقوقية سهام بن سدرين للقيام بالحملة لصالح الإلغاء هذا مع الإشارة أن السيد حمة الهمامي في فترة البحث عنه من طرف الأمن في عهد بن علي كان متخفيا بمنزل كمال اللطيف ومتنقلا بينه وبين منزل سفير فرنسا بتونس.

وفي 17 ديسمبر 2011 عين علي العريض على رأس وزارة الداخلية وهذا التاريخ كان فيصلا هاما في حياة هذا الأخير حيث وقبل 21 سنة وفي يوم 17 ديسمبر 1990 بلغت فيها اعتقالات الاسلاميين ذروتها وشملت كل الفئات من القاعدة الى القمة وكانت فترة شهدت اعتقال أهم قيادات النهضة ومن بينهم علي العريض الذي عانى الأمرين من النظام الظالم لبن علي وسجن لمدة ستة عشر سنة وكنت شخصيا أنتظر مشاهدة الكثير من الإصلاحات والتطهير الفعلي لرموز الفساد من لدنه صلب الوزارة غير أن ما حدث خيب الأمال لدى الكثيرين ممن عرفوا علي العريض عن كثب فقد كان منتظرا ممن عايش الظلم والإضطهاد والتعذيب أن يكون صوت الحق ويد العدل عندما وصل إلى مركز السلطة وعوض أن يعمل على ارساء نظام عادل وترسيخ أفكاره الإصلاحية والبناءة استقطب من لدن أباطرة الوزارة الفاسدين وأصبح بوقا من أبواقهم.

فبعد الثورة انقلبت موازين القوى في وزارة الداخلية على إثر إلغاء إدارة أمن الدولة التي كانت مهتمة بالملف السياسي وبذلك سحب البساط من تحت قدمي إدارة المصالح المختصة المهيمنة على الوزارة في عهد بن علي وكلفت الإدارة الفرعية للقضايا الإجرامية التابعة لإدارة الأمن العمومي بهذا الملف بالرغم من جهل عناصرها لمجريات الأبحاث الخاصة به إضافة إلى أنهم عرفوا بدمويتهم وتفننهم في استنباط أبشع أساليب التعذيب والقمع وما زاد الطين بلة هو تعيين  أحد جلادي الفرقة المدعو علي عبد الله أصيل مدينة عقارب مديرا لها والحال أن مكانه الطبيعي سجن المرناقية وأصبح الماسك بالوزارة والذي يشعر أنه بيده مصير المواطنين وان الحكومة تحت رحمتهم هم فرق التدخل والشرطة العدلية التي أصبحت مكلفة بتحرير المحاضر فيما يخص المناوئين للدولة.

وهنا يجرنا الحديث إلى الأخطاء التي ارتكبت بعد تولي علي العريض مقاليد وزارة الداخلية وخاصة في ما يخص التعيينات التي حدثت بالمناصب العليا.

فمستشاري الوزير الأمنيين وهما فتحي البلدي والطاهر بوبحري ، الأول كان عون أمن عادي تم ايقافه بعد اكتشاف انتمائه للمجموعة الأمنية لحركة النهضة والثاني كان مجرد طالب لما اكتشف أمره لانتمائه لنفس المجموعة وفر للخارج هروبا من الاعتقال ، وعليه فمن غير المعقول اسناد منصب هام لأشخاص غير عارفين بأبسط قواعد العمل المخابراتي والأمني.
كما تم تعيين عبد المجيد البوزيدي مديرا عاما للأمن الوطني والحال أنه كان من خاصة الخاصة لبن علي وتنقل بين جل الإدارات المهتمة بملف سلامة أمن الدولة ومكلف بالتنسيق بين المصالح المختصة وبن علي شخصيا وهذه هي المعادلة الصعبة.

كما تم تعيين وحيد التوجاني مديرا عاما للأمن العمومي هذا الذي تقلد العديد من المناصب في عهد بن علي والمتورط في العديد من قضايا التعذيب والرشوة والمنصب الذي استفاد منه أكثر من غيره هو رئيس منطقة الأمن بالكاف حيث استعمل زوجته للتحيل على أهالي المنطقة بجعلها تصدر صكوك بدون رصيد ولتجنيبها المسائلة القانونية قام بفبركة شهائد طبية تفيد عدم تحملها المسؤولية الجزائية وقد أقامت لمدة أسبوع واحد بمستشفى الرازي ثم غادرته بعد أن تحصلت على شهادة تفيد عدم صحة مداركها العقلية.

فبوجود هذه الأسماء ومن البديهي أن تكون لها حاشيتها فمن غير المستغرب العودة إلى الأساليب القديمة واستعمال التعذيب الجسدي والنفسي في جل الملفات بالمراكز الأمنية والسجون.

ففي عهد وزير الداخلية والأمين العام المساعد لحركة النهضة الحاكم الفاعل في البلاد زهقت أربعة عشر روحا في مدة لا تتجاوز العشرة أشهر وجلهم من الإسلاميين أي أنه إذا حكمت حركة النهضة مدة 23 سنة فسيكون في رصيدها أكثر من 300 قتيل وهذه هي نتيجة اختياراته للمسؤولين بالوزارة بينما طيلة فترة حكم بن علي الممتدة 23 سنة من 7 نوفمبر 1987 إلى 17 ديسمبر 2010 وحسب آخر احصائيات المنظمات الحقوقية العالمية تسبب في قتل 49 مواطنا تونسيا أما بالاغتيال أو بالتعذيب أو نتيجة اهمال صحي بالسجون التونسية وبحكم منصبه فهو المسؤول الأول على أرواحهم أمام الله وأمام القانون وبعملية حسابية بسيطة فإن معدل الأرواح التي زهقت لا تتجاوز الاثنتين سنويا.

على إثر شهادة أحد أعوان الأمن بمشاهدة المرحومين الشابين السلفيين  البشير القلي ومحمد البختي أمام السفارة الأمريكية على خلفية الأحداث التي جدت بها تم ايقافهما وتعبيرا عن احساسهما بالظلم الذي سلط عليهما دخلا في اضراب جوع أدى إلى وفاتهما وهنا واستغلال للموقف رفعت الشبكة التونسية للعدالة الانتقالية شعار "ديقاج" في وجه نور الدين البحيري وزير العدل وذلك يوم الثلاثاء 20 نوفمبر 2012 أمام مقر وزارة العدل. وهذه الشبكة المذكورة تضم جمعيات تابعة لحركة النهضة وهذه الحركة المناهضة لوزير العدل جاءت بتحريض من بعض قيادات حركة النهضة الذين يطالبون برأس نور الدين البحيري وهذه إشارة لبداية حرب الأجنحة تحضيرا لخلافة راشد الغنوشي رئيس الحركة وبالرغم من أن وزارة الداخلية متورطة ضمنيا في وفاة الشابين.

إن التداخل بين وزارة الداخلية وحزب حركة النهضة ليس أمرا محمودا ينتهي الى تعطيل مؤسسات الدولة.

وما يؤكد التداخل بين الوزارة والحركة ما حدث في ذكرى احياء أحداث 9 أفريل بشارع الحبيب بورقيبة وجود مجموعات تابعة لمكاتب حركة النهضة من جهة وأفراد ينتمون إلى ما يسمى بالرابطة الوطنية لحماية الثورة تعاضد أعوان الأمن في قمع المحتجين والتصدي بعنف شديد وبقمع وحشي لمتظاهرين سلميين وأحد هؤلاء عبد السلام التوكابري الذي يرأس مجموعة من أبناء الحركة مهتمة بالإعلام الالكتروني وتقوم بإنزال الأخبار الكاذبة والزائفة عن المعارضين وبقطع النظر على النية الحقيقية من وراء تنظيم التظاهر في مكان أعلن سابقا بأنه يمنع فيه التظاهر وأن هذا القرار وضع التحضير له بدقة وهدفه إرباك سير الحكومة وضرب علي العريض والأصل في الأمور أن أعوان الأمن قادرين بمفردهم على فرض احترام القانون وأن أطرافا من كلا الطرفين سعوا ونجحوا في توريط علي العريض باتخاذه قرار منع التظاهر بشارع الحبيب بورقيبة وتجريد هذا المكان من رمزيته بعدما احتضن أهم حدث في تاريخ تونس بعد استقلالها ألا وهو يوم 14 جانفي 2011 تاريخ الثورة التونسية.

وكان حري بعلي العريض أخذ العبرة من هذا الدرس وعدم اعادة الخطأ مرة ثانية وذلك بفصل سياسة الوزارة عن سياسة الحركة والأخذ بزمام الأمور حتى لا تستفحل الأوضاع وتكون هذه المرة النتائج وخيمة لكنه ترك الأمور تسير على نفس الوتيرة دون أن يحرك ساكنا وهذا ما زاد من طغيان أفراد من الرابطة الوطنية لحماية الثورة بتدخلهم في كل شأن بطريقة هامشية ومتوحشة وصلت إلى حد الإعتداء بالعنف الشديد على أحد أبناء جهة تطاوين المدعو لطفي نقض والمنتمي لحركة نداء تونس في مقر عمله على مرئ ومسمع من الأمن مما أدى لوفاته.

ولم ينتهي الأمر عند هذا الحد فقد تمادى المنتمون للحركة في استعمال سلطتها لمنفعتهم الشخصية أمثال زبير الشهودي ، الذي كان مجرد تلميذ في سنة 1991 بالمعهد الفني 9 أفريل يزاول تعليمه بالشعبة المهنية ميكانيك سيارات وكان حديث العهد بالصلاة بجامع الفتح بتونس العاصمة دفعه الحماس والتهور الى المشاركة في عملية حرق سيارة للشرطة راسية أمام المعهد المذكور مما جعله يقضي أربعة عشر سنة سجنا تعرف خلالها على بعض قيادات حركة النهضة ومنهم علي العريض. وبعد قضائه لفترة العقوبة وخروجه من السجن عمل في مجال العمل الاجتماعي التابع لحركة النهضة مع السيد صالح بن عبد الله البوغانمي إلا أن سوء تصرفه في الموارد وتشكي عائلات المساجين من عدم وصول المساعدات تكاثرت حوله الشكوك مما حدى بالسيد علي العريض للإستعانة به في قضاء بعض شؤونه المتعلقة بالحركة نظرا للمراقبة الأمنية الشديدة المفروضة عليه ولإبعاده عن العمل الاجتماعي الذي كان يقوم به.

وبعد الثورة والإعلان على الهيئة التأسيسية لحركة النهضة تم اقحامه بها وأسندت إليه مهمة شؤون مكتب الشيخ راشد الغنوشي علما وأنه لا يتقن حتى لغة الضاد وأصبح بذلك عين علي العريض التي لا تنام في مكتب الشيخ راشد لكنه استغل هذا المنصب لمصلحته الشخصية وذلك طلب مقابل لتسهيل مقابلة الشيخ راشد الغنوشي لكل قاصد يريد مقابلته لقضاء شأن من شؤونه والمثير في الأمر أن ابتزازه لطالبي المقابلة تنوع من شخص لآخر حيث تمثلت في هدايا وعطايا من غذائية إلى مالية ولم يقتصر الأمر على ذلك بل قام بتوصية من مشغليه من أحد أجنحة الحركة بالمساهمة في تدليس نتائج انتخابات مؤتمر المهزلة الأخير للحزب بالإضافة  إلى تدخله في التعيينات في الوظائف السامية بالدولة

والأخطر من ذلك أن يستغل معرفته بالسيد وزير الداخلية علي العريض ويتخصص في تحطيم معارضي الحركة بتعلة أن هناك تسربات أتته من وزير الداخلية أن فلان أو علان كان يتعامل مع الأجهزة الأمنية في عهد بن علي وقد وصلت به الدناءة إلى التطاول على عمالقة الحركة المتخالفين معها في أطروحاتها وطريقة عملها قبل انتخابات المجلس التأسيسي طائفا من مكتب إلى آخر ناشرا الأكاذيب والأقاويل على الشيخ عبد الفتاح مورو والفاضل البلدي.

أما قبل الثورة فقد تم تجنيده من طرف مدير إدارة الأبحاث الخاصة بالإدارة المركزية للإستعلامات محمد الناصر وتم ربط الصلة بينه وبين عون الاستعلامات (ق- ز) لتسلم كل المعلومات المتعلقة بالحركة بحكم قربه من علي العريض ولم تنقطع الصلة حتى بعد الثورة بأعوان محمد الناصر إذ جند مجددا ليكون عينا لهم لمعرفة تحركات الشيخ راشد الغنوشي بحكم المنصب الذي يشغله بمكتب الشيخ وفي صورة امتناعه عن القيام بالمهمة فسيقع فضحه.

والأسعد الجوهري الذي عين عضو في مجلس الشورى بحركة النهضة بالرغم من علاقته المشبوهة مع المدعو كمال اللطيف ولقاءاته السرية بالبحيرة به بعد الثورة كما أنه يعتبر المستشار السري لوزير العدل مع أنه في مشاورات تحضير قائمة الهيئة التأسيسية لحركة النهضة هدد علي العريض بالاستقالة من الحركة في صورة تعيينه صلبها لتهجمه على جل قيادات الحركة ونشر الأقاويل والأكاذيب عنهم وخاصة السيد علي العريض فقد كان له نصيب الأسد من هذه الهجمات ولكن تم فرضه في المؤتمر المهزلة من طرف راشد الغنوشي وعين بالمنصب المذكور أعلاه ويحسب على جناح هذا الأخير هذا وتعلقت بهذا الأخير عديد الأقاويل في سوء تصرفه المالي خلال عمله الاجتماعي بحركة النهضة قبل الثورة.

ولم يقتصر الأمر على الأمن العمومي في عملية التداخل هذه إذ طالت الديوانة التونسية فقد عمد المسمى منير الحناشي وهو سائق السيد عامر العريض رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة وشقيق وزير الداخلية إلى التدخل في الشؤون الداخلية وفي طريقة سير العمل بالديوانة بأسلوب حاشية بن علي سابقا وذلك بإخراج الحاويات والسل المتواجدة بها بالتفافه على الطرق القانونية لمنفعته الشخصية ولإنارة القارئ الكريم فإن هذا الأخير هو من منفذي العملية الاجرامية لحرق مقر لجنة التنسيق بباب سويقة سنة 1991 والتي نتجت عنها موت حارسين.

بقلم نبيل الرباعي

ناشط سياسي سجين سابق في العهدين


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire